يعد تقييم المصادر المرجعية بوجه عام من أبرز الموضوعات التي يتناولها الدارس المتخصص في مجال المكتبات والمعلومات، كما يمارس إخصائي المراجع عملية التقييم طوال حياته العملية. ومنذ عام 1904 أصبح من أهداف مقررات دراسة المصادر المرجعية أن يكتسب الطالب المهارة والقدوة على كيفية فحص صفحة المحتويات والمقدمة وإجزاء من النص، والمداخل الإضافية المتمثلة في الكشافات، ليتعرف على الهدف أو الأهداف من إعداد المصدر المرجعي، والأشخاص المسؤولين عن إعداده فكرياً ومادياً، محتوياته، مجاله، وتنظيمه وما يضم من معلومات من حيث الدقة والشمول والحداثة والموضوعية والحياد.. وغيرها، ولو تفحصنا معظم الأدلة الشاملة للمراجع نجدها تحتوى على تمهيد أو مقدمة تشرح فيها بطريقة أو بأخرى أسس وعناصر التقييم التي أصبحت مستقرة الآن تماماً وخاصة فيما يتعلق بتقييم المصادر المرجعية المطبوعة.
مع ظهور وتطور وانتشار المصادر المرجعية الإلكترونية، فقد تبين أن هناك فروقاً جوهرية بين عناصر ومكونات كل من المصادر المرجعية المطبوعة والمصادر المرجعية الإلكترونية، مما أدى إلى ضرورة وضع معايير للتقييم مختلفة إلى حد ما لتتلائم وطبيعة هذا الشكل الجديد من المصادر المرجعية، فعلى سبيل المثال المصادر المرجعية المطبوعة بها مقدمة تشرح وتوضح وتفسر ما يحتويه المصدر المرجعي ومجاله وتنظيمه والمسؤولين عن إعداده، في حين أن المصادر المرجعية الإلكترونية وخاصة تلك المتاحة على شبكة الإنترنت لا توجد لها مثل هذه المقدمة المساعدة في كثير من الأحيان، ولا يوجد حتى الآن أية أدوات أو أدلة شاملة للمصادر المرجعية الإلكترونية لكي تساعد اخصائي المراجع على الفحص والدراسة والتقييم باستثناء قسم خاص بها بدأ في الظهور في دورية Library Journal، وهو بعنوان Web Watch حيث يتناول بالعرض بعض المصادر المرجعية الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت .
وجدير بالذكر أنه من الصعب تحديد أو معرفة درجة حداثة المعلومات ذاتها وليس تاريخ إدخال البيانات، ومعالجتها الكترونياً، وإذا كان الوصف المادي من العناصر الهامة التي تذكر عند تقييم المراجع المطبوعة من حيث عدد المجلدات والصفحات والحجم والطباعة والإيضاحات والألوان..إلى آخره، فإن مثل تلك العناصر غير متاحة في المصادر المرجعية الإلكترونية. وفي الجانب الآخر تتوافر عناصر أخرى في المصادر المرجعية الإلكترونية غير متاحة أو متوفرة في المصادر المرجعية المطبوعة، فعلى سبيل المثال من عناصر التقييم والحكم على المصادر المرجعية الإلكترونية سهولة أو صعوبة التعامل مع الأقراص المدمجة أو الملفات الإلكترونية والأجهزة، والبرامج، وشبكات الاتصالات، وتكلفة كل ذلك بالإضافة إلى تكلفة النظام كاملاً .
تشير الخبرات السابقة لأخصائي الخدمات المرجعية إلى إن تقييم المصادر المرجعية الإلكترونية بشكل خاص عملية بالغة الصعوبة، وتتطلب كثيرا من الدقة لعدم وجود مقدمة في كثير من هذه المصادر تساعد أخصائي المراجع، ولأن كثير من المعلومات المتاحة وخاصة على شبكة الإنترنت قد تكون غير مراجعة وغير دقيقة. وفي الأعم الأغلب من الأحوال يكون من الصعب معرفة الشخص المسؤول عن المحتوى الفكري لملفات المراجع الإلكترونية، كما يكون من الصعب معرفة درجة حداثة وشمول واكتمال المعلومات قبل تقديمها للمستفيدين. أضف إلى ذلك أن هناك كثير من المصادر المرجعية الإلكترونية التي تضم أشكال مجسمة أو صوت مصاحب للمعلومات. ولكتها أمور ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند التقييم، بالإضافة إلى أن يتضمن التقييم والحكم على المصادر المرجعية الإلكترونية على عنصر استقرار وثبات المصدر المرجعي في موقع معين لا يتغير على شبكة الإنترنت، كما يتضمن عنصر سرعة تحديث المعلومات سواء أكانت متاحة على أقراص مدمجة، أو على ملفات إلكترونية من خلال قواعد وبنوك المعلومات أو متاحة على شبكة الإنترنت .